يعشـق الجمـال الـذي يدخـل إلى أعمـاقِ النـفـسِ بـدون اسـتـئذان , يغنِّـي وراءَ النَغَـمِ العـذبِ , يطير مع الفراشـات الجميلة ويسـير مع العِـطر المنبعـث من الأرضِ ومن أكمـام الزهـور والـندى المسـكوبِ على أطراف بتـلاتهـا الجميلة ,.. يسـكنُ على تَـلَّةٍ في بيتٍ عتـيقٍ ولكنه في المكـان الذي تأتيهِ النَسَـمات الصبـاحية فتحـركُ المشـاعر الخَـلاِّقـة والأحاسـيس المبدعة وهوَ بطبعه شـاعر ينطـقُ به بـدون تَـكَّلـف ويأتـيه عنـدما يحتـاجه بـدون اسـتدعاء ,... أحَـبهـا لـدَرَجَةِ الوَلـهِ وشـاعَ حـبَّـه ولم يُخـفِهِ , تعلَّـقَ
بسـحرها وبنظـرتهـا وابتسـامتهـا التي تزرع الأمـل وتضـفي على الحـياة طلاوةً وجمـال , تَعـوَّدَ أن يـراها لِتسـتمرَ حياته بكامل الخلق والإبـداع فوجـودها يُلـوِّنُ حيـاته بالنشـوة والسـعادة ففي صبـاح يومٍ ربيعـيٍ جميـلٍ وفي أواسِـطِ ضُـحاه نزلَ من تلَّتـه القـليـلة الارتـفاع لابساً حلَّتـه الجميلةَ على حصـانه الكـامل الأنـاقةِ باتـجاه الـحيِّ الذي يتجـمَعُ فيه أقـرانه ... في طـريقِ الذهاب طلبت روحـه المرور على بيتِ من يُحِـب ليسـير يومـه الربيعي كمـا يرغب , ولكي تُكمِّـلُهُ صـاحبة القـامة الرشـيقة والعيـون الفـاتنة والابتسـامة التي تُنعـشُ الــروح والكـلمة التي تـدخل أعمـاق النفـس بكـامل المحَبـةِ والطـهر ,... نزل عن حصـانه الأنيق وحسَّـنَ وضع عمـامته ورفـعَ طَـرَفَ قمبـازه قليلاً وخطـا باتجـاه البـاب المتَسـع المُغـلق
والذي في وسـطه بوَّابـة صغـيرة يدلُّ عليهـا شـيءٌ ما أنهـا غير مقـفلة ... دفـعَ البـوَّابة أشـعَرَهـا بدخـوله ... رأتـهُ ... وقـفتْ تاركة يديهـا مكسـوَّةً برغـوة الصـابون التي تدُّلُ على أنهـا تقـومُ بغسـلِ ثيابهـا وتتهيـأُ للدخـول إلى حمَّـامها ... لقد عَـرِف ذلـكَ من هيأة اللبـاس الذي يسـترُ جَسـدها الذي يضـجُّ بفتـنتـها وجمـالهـا .. ولمَّـا كانت وقفتـها مفاجئة لها وله , وكحـلةُ العين غرسـت مخـالِبهـا في كيـــانه وإحسـاسـه والفـوضى الأنيقة التي جاءت من وقفتهـا السـريعة ومن ثوبهـا القـابع على مَلامسِـهـا مباشـرةً والذي ينتـظِـرُ أن يغْسَـلَ قـبل أن تبـدأَ في حَمَّـامِها .. هــذا الموقـف اسـتدعاه واسـتدعى إبداعه لأن يقـولَ
بيتـاً من العَتـابـا ... هذا هـو
أنتْ يا مكّحَّـل العينـينْ بكحــولْ علـوَّانـي... عَ درب الحبْ فيكْ حـول
أشـوفكْ وا صـدير الترف بك حولْ... النَهـد حَـدْرْ البطـنْ نتْرَ التيــابْ
أطرقتْ مبتسِـمة سـعيدة وقالت والحبُّ ينطق من عيـونهـا
( يقطـعَـكْ الله مـانـكْ شَــايفني عمْ غَسِّــلْ )
فابتَسـمَ ابتسـامة المحِبِّ وأغـلـٌَقَ البـوَّابة حاملاً روحـه المُتَيـمة شَــوقـاً إلى سـاحة
الربيـعِ وضُحــاه ...